نظرًا لأن اعتلال الشبكيَّة السكَّري يُعدُّ كيانًا مُعقَّدًا قائمًا بذاته ذا مسببات متعددة، فإنه يحتاج إلى نهج واضح ومتعدد الجوانب للعلاج. فكل مرحلة وحالة يلزمها علاجها الخاص حسب تقييم الطبيب للحفاظ على المُتبقي من رؤية المريض.
على الرغم من أن التخثير الضوئي بالليزر يظل من الدعامات الأساسية لعلاج مرضى اعتلال الشبكيَّة السكَّري، إلا أنَّه لا تستجيب كل الحالات بشكل كافٍ لِّليزر. يتناول هذا المقال مفاهيم استخدام الحقن داخل الجسم الزجاجي، والنتائج المرجوة من هذا النوع من العلاجات.
الحقن داخل الجسم الزجاجي
يُعتبر الحقن داخل الجسم الزجاجي أداةً لا غنى عنها لعلاج مجموعة متنوعة من الحالات خاصة اعتلال الشبكيَّة السكَّري منذ إدخال الأدوية المضادة لعامل نمو بطانة الأوعية الدموية في عام 2006. تطورت عملية الحقن اليوم، وأصبح دخول الأدوية داخل الجسم الزجاجي السلاح الذهبي لعلاج العديد من أمراض الشبكية، بما في ذلك الضمور البقعي المرتبط بالعمر (AMD)، واعتلال الشبكية السكري، وانسداد الوريد الشبكي (CRVO)، وأمراض الأوعية الدموية في الشبكية، وحالات العدوى المُختلفة.
يستحوذ التجويف الزجاجي على جزء كبير من مقلة العين، ويتكون من مادة شفافة تشبه الهلام تحتل الفراغ خلف العدسة وأمام الشبكية في مؤخرة العين. يساعد هذا الإجراء على تقليل ارتشاح الشبكية وبالتالي تحسين الرؤية أو الحفاظ عليها وتقليل مخاطر فقدان البصر، وتعتمد النتائج بالتأكيد على ظروف كل حالة.

الحقن داخل الجسم الزجاجي في حالات اعتلال الشبكيَّة السكَّري
من أبرز الأدوية التي تُحقن في اعتلال الشبكيَّة السكَّري هي مضادات عامل نمو بطانة الأوعية الدموية (anti-VEGF)، تُعيق الأدوية المضادة لعامل نمو بطانة الأوعية الدموية إنتاج الأوعية الدموية غير الطبيعية في الشبكية والمشيمية، وتساعد في تقليل تسرب السوائل من الأوعية الدموية وتقلل من التورم البقعي، ومن أشهر هذه المُضادات ليوسينتيس (Lucentis) بمادة رانيبيزوماب (ranibizumab)، والأفاستين (Avastin) بمادة بيفاكيزوماب (Bevacizumab)، والآيليا (Eyelea) بمادة الأفليبيرسيبت (aflibercept).
أحيانًا تُحقن الستيرويدات، مثل أوزوردكس (Ozurdex)، تريامسينولون (Triamcinolone)، وديكساميثازون (Dexamethasone)؛ تساعد الستيرويدات في تقليل الالتهاب وتسرب السوائل في حالة فشل مضادات عامل نمو بطانة الأوعية الدموية.

خطوات الحقن داخل الجسم الزجاجي
في البداية يتم تنظيف الجلد حول العينين والجفون وتعقيمها باستخدام بوفيدون اليود -وهو محلول أصفر فعال للغاية في قتل البكتيريا التي تعيش حول العين- وتغطيته بملاءة، وتُستخدَم بعض الأدوات الصغيرة لإبقاء العينين مفتوحتين، غالبًا ما يستخدم منظار الجفن لإبقاء الجفون مفتوحة، بعد ذلك يُعطى المريض بعض القطرات من المخدر الموضعي. وبمجرد تحضير العين للحقن، سيُطلب من المريض النظر في اتجاه معين اعتمادًا على موقع الحقن، وبعدها توجيه إبرة دقيقة للغاية بعناية في مقلة العين ومن ثمَّ حقن المادة اللازمة. قد يقوم أخصائي الشبكية بفحص ضغط العين أحيانًا خاصة عند المرضى الذين يعانون من المياه الزرقاء.
تُعطى أدوية الحقن لمرة واحدة كل شهر في البداية، وبمجرد أن تبدأ رؤية المريض في التحسُّن والاستقرار، يتم إيقافها أو إعطائها بشكل أقل.
تعليمات مهمة
من المهم الحذر من دخول أي ماء في العين لمدة يوم إلى ثلاثة أيام على الأقل بعد الإجراء لمنع العدوى، ومن المهم أيضاً تجنب فرك العينين والحرص على عدم دخول أي شيء فيها. ويُرجى مراجعة الطبيب على الفور في حالة الشعور بألم في العين أو احمرار أو إفرازات أو رؤية ضبابية بعد الحقن.
مضاعفات ومخاطر الحقن داخل الجسم الزجاجي
نادرًا ما تحدث المضاعفات الشديدة عند استخدام الحقن داخل الجسم الزجاجي. تشمل مضاعفات الإجراء:
- الألم
- الاحمرار
- زيادة ضغط العين
- العدوى
وتشمل المخاطر والآثار الجانبية المحتملة لحقن المادة المُضادة لعامل نمو بطانة الأوعية الدموية:
- تهيج العين أو عدم الراحة
- نزيف داخل العين
- العوامات الطائفة
- الشعور بوجود شيء في العينين
- زيادة الإفراز الدمعي أو الجفاف
- الحكة
من المخاطر الضئيلة جدًا المُتعلقة بالأدوية المضادة لعامل نمو بطانة الأوعية الدموية هي أن تتسبَّب في تكوين جلطات دموية، مما قد يؤدي إلى النوبة القلبية أو السكتة الدماغية، من المهم مراجعة التاريخ الطبي للحالة، ومناقشة المريض في هذه المخاطر قبل إعطاء الموافقة على العلاج. أمَّا بالنسبة للستيرويدات، فيتمثَّل الخطر الرئيسي لحقن الستيرويد في زيادة الضغط داخل العين. ومن المخاطر النادرة جدًا المُتعلِّقة بالحقن في العين:
- التهاب باطن المقلة
- التهاب بطانة المقلة الكاذب: تفاعل التهابي غير معد لبعض الأدوية النزيف الزجاجي
- انفصال الشبكية
في بعض الأحيان قد يحدُث نزيف صغير تحت الملتحمة على سطح العين حيث تدخل الإبرة؛ عادة ما يشفى في غضون أسبوع.
هل العلاج لمرة واحدة وفقط؟
غالبًا ما يحتاج الحقن داخل الجسم الزجاجي إلى التكرار خاصةً في الحالات المزمنة وحالات الوذمة البقعية السكرية. لا يحمل الحقن المتكرر أيَّة مخاطر كبيرة، ويُعدُّ حقنه آمنًا على مدار السنوات. تُقيَّم الحاجة إلى تكرار الحقن باستخدام الاختبارات التشخيصية كالتصوير المقطعي البصري (OCT) وتصوير الأوعية الدموية من خلال الفلوريسين (FA).
الأبحاث جارية، ونأمل أن تتوفر علاجات طويلة المفعول في المستقبل القريب.
المراجع
[1] ASRS
[2] AAO
[3] FDA