عن الخيط الرفيع بين الوباء والجائحة نتحدث، فما بالك بتصنيف مرضٍ غير مُعدٍ مثل اعتلال الشبكية السُكَّري تحت وطأة هذا الوصف؟ في لحظة كتابة هذه الكلمات، هناك 463 مليون شخص حول العالم يعانون من مرض السكري الذي يستمر لسنوات ويُلازِم الشخص عادةً في فترات كبيرة من حياته خاصةً النوع الثاني منه، ومُقدَّر وصوله إلى 700 مليون شخص بحلول عام 2045، وذلك حسب الاتحاد الدولي للسكري (IDF)؛ من بين هؤلاء المرضى، يُعاني حوالي (35.4٪) من مرضى السكري من اعتلال الشبكيَّة السُكَّري، وثلثهم مصاب بالاعتلال المُهدِّد للرؤية، و(7.6%) بالوذمة البقعية. لتخيّل مدى ضخامة هذا الرقم عليك مُقارنته بعدد سكان الأرض البالغين حتى هذه اللحظة سبعة مليارات وثمانمائة مليون نسمة.
مرض السكري هو أحد الأمراض غير المعدية التي تعتبرها منظمة الصحة العالمية (WHO) وباءً. يتركز وصف وباء السكري بشكل كبير حول معدلات السمنة المتزايدة حيث تُساهِم السمنة في الإصابة بمُقدمات السكري أو متلازمة التمثيل الغذائي. يمكن أن تؤدي أيٌّ من هاتين الحالتين، إذا لم يتم التعامل معهما بسرعة، إلى الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
بداية معرفتنا باعتلال الشبكيَّة السكري
كان يومًا مُختلفًا عندما لاحظ إدوارد جايجر لأول مرَّة التغيُّرات البقعية السكرية بالكامل لأول مرة عام 1856. لم يكن هذا ممكنًا إلا بعد تصميم منظار العين المباشر المُطوَّر حديثًا والذي وُصِفَ لأول مرة في عام 1855. كانت ملاحظات جايجر بدائية للغاية في صورة بعض البقع الصفراء والتسربات المتغلغلة في جزء أو سمك الشبكية بالكامل، ولكن حتمًا كانت عصرية وقتها وحجر أساس ساعد إدوارد نيتليشيب في عام 1872 بنشر ورقته البحثية الذي قدم فيها أول دليل مرضي على “التنكس الكيسي للبقعة” في مرضى السكري.
يُعتبر اعتلال الشبكية السكري من المضاعفات الشائعة لمرض السكري وسببًا رئيسيًا لفقدان البصر الذي يسهل الوقاية منه بين السكان البالغين. ساهمت هذه الأساسات بأهمية وضرورة الكشف عن اعتلال الشبكية السُكَّري، حيث يقوم أطباء العيون بفحص وجود اعتلال الشبكية السكري عن طريق توسيع حدقة العين وإجراء تنظير العين لفحص الشبكية بأكملها.
بعض الإحصائيات عن اعتلال الشبكيَّة السكري
يصيب اعتلال الشبكيَّة السُكَّري 1 من كل 3 أشخاص مصابين بداء السكري. فمن بين جميع الأشخاص المُصابين بمرض السكري من النوع الأول والنوع الثاني، فإن حوالي 80% منهم سيصابون في نهاية المطاف بمرحلة ما من اعتلال الشبكية السكري. وكلما طالت مدة إصابة الشخص بداء السكري، كلما زادت احتمالية إصابته باعتلال الشبكية السكري. يعتبر معدل انتشار اعتلال الشبكيَّة السكري في جميع أنحاء العالم بين المرضى الذين يعانون من النوع الأول من مرض السكري (77.3%) وبين مرضى النوع الثاني (25.1%).
أظهرت الدراسات الوبائية لمرض السكري واعتلال الشبكيَّة السكري في دول الشرق الأوسط بما في ذلك مصر تباينًا كبيرًا في انتشار مرض السكري واعتلال الشبكيَّة السُكَّري، فتُوجد 6 من أصل 10 دول ذات أعلى معدل انتشار لمرض السكري في العالم في الشرق الأوسط وهي: البحرين والكويت ولبنان وعمان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. يتراوح انتشار اعتلال الشبكية السكري من (19%) في الإمارات العربية المتحدة إلى (64%) في الأردن. وتصل نسبة الإصابة بمرض السكري في مصر إلى (20.9%)، وتصل نسبة الإصابة باعتلال الشبكيَّة السُكَّري إلى (17.9%).
في حين أنه من الصعب الحصول على أرقام دقيقة لنسبة حدوث اعتلال الشبكيَّة السكري، إلَّا أن دراسة ويسكونسن الوبائية لاعتلال الشبكية السكري (WESDR) أظهرت في المتابعة التي استمرت لمدة 25 عامًا لمجموعة داء السكري من النوع الأول إصابة جميع المرضى تقريبًا (97%) باعتلال الشبكيَّة السكَّري، ومن بين هؤلاء، أُصيب (42%) باعتلال الشبكيَّة السُكَّري التكاثري (PDR)، و (29%) أصيبوا بالوذمة البقعية (ME) و (17%) عانوا من أعراض الوذمة بشكل واضح.
الكشف المُبكِّر هو الحل
يُعتبر الفحص الشبكي السنوي لمرضى السكري عند طبيب العيون هو الإجراء النموذجي لرعاية مرضى السكري ومنعهم من الدخول في مشاكل كبيرة ناتجة عن الاعتلال، حيث يمكن الوقاية من 95% من حالات فقدان البصر من خلال الاكتشاف المبكر والعلاج، ولكن لسوء الحظ، يقوم حوالي نصف مرضى السكري فقط بزيارة أخصائي العيون لإجراء فحوصات شبكية سنوية ممَّا يلزم حملات توعوية أكبر.
المراجع:
[1] AAO
[2] HHS
[3] Karger
[4] BMC
[5] IDF