في الشهور الأخيرة، ثارت ضجَّةٌ كُبرى بين جموع المصريين وعلى مواقع التواصل الاجتماعي تأثُّرًا وامتعاضًا لواقعة وفاة سيدة في أحد المستشفيات المشهورة نتيجة رد فعل تحسسي نادر للغاية لصبغة الفلوريسين عند إجراء تصوير الأوعية بالمادة، مما أصابها بتشنجات وإغماءٍ وتوقف بعضلة القلب. ولسنا هنا بصدد ذكر تفاصيل تلك الواقعة المؤلمة، لكنَّنا سنحاول تسليط الضوء بشكل أكبر من أجل مزيد من الوعي حول فحوصات اعتلال الشبكيَّة السُكَّري، ومدى أمان هذه الإجراءات.
مرحلة البحث عن الاعتلال الشبكي السُكَّري
توصي الأكاديمية الأمريكية لطب العيون بإجراء فحوصات اعتلال الشبكيَّة السُكَّري مع إجراء فحص شامل للعين للمرضى بعد 5 سنوات من التشخيص الأولي لمرض السكري من النوع الأول. أما في النوع الثاني من مرض السكري، فمن المهم إجراء الفحص في وقت التشخيص لأن 30% من الأشخاص الحاضرين للعيادة قد يكونون بالفعل مُصابين باعتلال الشبكية وقت التشخيص.
اقرأ المزيد عن: ما هي درجات اعتلال الشبكية السكري؟
فحوصات اعتلال الشبكيَّة السُكَّري العامة
أولاً وقبل كل شيء، يحتاج جميع مرضى السكري إلى فحوصات اعتلال الشبكيَّة السُكَّري وكذلك فحص شامل مُوسَّع للعين مع التركيز على تقييم مرض السكري نفسه. تتضمن المُقابلة أخذ التاريخ التفصيلي الكامل من الحالة مع التركيز على مدة مرض السكري، ونسبة السكر في الدم (HbA1c)، والأدوية الحالية للمريض والتاريخ الطبي المُفصَّل لمشاكل العين. تشمل الفحوصات الأوليَّة للعين ما يلي:
- اختبار حدة البصر لقياس قدرة الرؤية المركزية لرؤية المسافات المختلفة. (VA)
- قياس ضغط العين الداخلي (IOP)
- فحص قاع العين لالتقاط صورة مقربة للشبكية عن طريق وضع القطرات الموسِّعة لحدقة العين.
- تقييم الحدقة
- تنظير الزاوية العينية عند الحاجة (Gonioscopy)
- وفحص شبكية العين المحيطية
من المهم أثناء فحوصات اعتلال الشبكيَّة السُكَّري تقييم شبكية العين عن كثب بحثًا عن علامات الوذمة البقعية وعلامات اعتلال الشبكية السكري غير التكاثري مثل النزيف النقطي أو تمدد الأوعية الدموية الدقيقة، والخرز الوريدي، واضطرابات الأوعية الدموية الدقيقة داخل الشبكية (IRMA) بالإضافة إلى ملاحظة القرص البصري وفحص الجسم الزجاجي بحثًا عن أي وجود لنزيف زجاجي.
اقرأ المزيد عن: أعراض اعتلال الشبكيَّة السُكَّري: من ماذا يشتكي المريض؟
فحوصات اعتلال الشبكيَّة السُكَّري التأكيدية
تساعد مجموعة متنوعة من الفُحوصات والإجراءات الأطباء على تحديد مستوى اعتلال الشبكية واتخاذ قرارات العلاج أو الإحالة المُناسبة للحالة.
فحص الشبكية التوسعي من أجل البحث عن الاعتلال
أظهرت الدراسات أن 50% فقط من العيون تُشخَّص بشكل صحيح من خلال الحدقة غير المتوسعة، لذلك من المهم وضع القطرات الموسِّعة لحدقة العين. بعد ذلك، إجراء الفحص المجهري الحيوي للمصباح الشقي (Slit-lamp biomicroscopy) لتقييم اعتلال الشبكية في القطب الخلفي والمحيط الأوسط، وأفضل طريقة لفحص المحيط هي باستخدام تنظير العين غير المباشر. قد يؤدي الفشل في تقييم محيط الشبكية إلى تصنيف غير دقيق لاعتلال الشبكية وزيادة خطر الإصابة باعتلال الشبكية.
تصوير قاع العين خلال فحوصات اعتلال الشبكيَّة السُكَّري
يعد هذا الإجراء مُهمًّا للغاية لتوثيق شدة اعتلال الشبكية أو بداية تكون الأوعية الدموية في الأماكن المُختلفة. تُعتبر الصور مفيدة أيضًا في توثيق الاستجابة للعلاج وتقييم الحاجة إلى علاج إضافي دون الحاجة إلى توسيع حدقة العين.
تصوير الأوعية بالفلوريسين
لا يُعتبر تصوير الأوعية الدموية بصبغة الفلوريسين (FA) جزءًا من فحوصات اعتلال الشبكيَّة السُكَّري الروتينية لمرضى السكري. ومع ذلك، فإن هذا الإجراء يُعتبر ذات أهمية بالغة للكشف عن الوذمة البقعية والارتشاح أو نقص التروية والدورة الدموية أو التهاب الأوعية الدموية في المرضى الذين يعانون من فقدان الرؤية غير المبرر وتحديد تداعيات اعتلال الشبكيَّة السكَّري.
تتم فحوصات اعتلال الشبكيَّة السُكَّري عن طريق حقن صبغة الفلورسين الصفراء العضوية في مجرى الدم عن طريق الوريد في الذراع. تُعتبر الجرعة الأساسية الخاصة بالبالغين 500 مجم وتُضبط ل(8 مجم لكل كيلوجرام حسب وزن الشخص)، ومن الشائع إعطاء المرضى الذين عانوا من رد فعل سابق من صبغة الفلورسين نصف الجرعة (250 مجم). وبالنسبة للأطفال، يجب حساب الجرعة على أساس (7.7 مجم لكل كيلوجرام من وزن الجسم الفعلي).
تنتقل الصبغة عبر الأوعية الدموية لإظهار الأوعية الدموية في العين. تلتقط كاميرا خاصة صورًا لشبكية العين أثناء انتقال الصبغة عبر الأوعية الدموية، وتوضِّح إذا كان هناك أي انسداد في الأوعية الدموية أو تسرب السوائل، أو في حالة أنها لم تعد تزود مناطق شبكية العين. كما يُظهر أيضًا ما إذا كان هناك نمو لأي أوعية دموية غير طبيعية. من الأعراض الجانبية النادرة للغاية هو حدوث حساسية من مادة الفلوريسين. وما يستطيع الطبيب عمله هو التعامل مع المضاعفة و إدارتها و تقليل نسبة الضرر منها (Code blue). عادةً لا تُجرى اختبارات الحساسية ولكن يُتابَع المريض عن طريق مُلاحظة علاماته الحيوية ويُتعامل معه في حالة حدوث رد الفعل التحسسي النادر.
من المهم إخبار المريض أن هذا الإجراء يحمل معه احتمالية المضاعفات، وللمريض الحق أن يوافق أو يرفض إجراء الاختبار. من أشهر هذه المُضاعفات:
- الغثيان
- الحكة البسيطة
- تغير لون البول أو الجلد لبضع ساعات بعد الاختبار
- احتمالية بسيطة في حدوث رد فعل تحسسي شديد
التصوير المقطعي للتماسك البصري (OCT)
وهو اختبار يستخدم فيه موجات الضوء لعمل صور مفصلة لشبكية العين. ويساعد الطبيب في اكتشاف وقياس تورُّم البقعة عن طريق تحديد سمك الشبكية ومتابعة مدى الاستجابة للعلاج. ولا يحتاج إلى صبغة للنظر إلى الأوعية الدموية.
اقرأ المزيد عن: علاج اعتلال الشبكية السكري
كلمة ختام
يُعتبر أهم شيء بالنسبة للطبيب هو راحة المريض وعدم التسبب في أي أذى وإجراء فحوصات اعتلال الشبكيَّة السُكَّري المُناسبة للوصول للتشخيص المُفصَّل للحالة ووضع خطة العلاج المُناسبة. ولكن أحيانًا توجد بعض الأعراض الجانبية التي لا مفر منها، ويكون دور الطبيب هو محاولة التعامل مع الحالة قدر استطاعته.
تتوفر الآن العديد من فحوصات اعتلال الشبكيَّة السُكَّري للمساعدة في تشخيص ومُتابعة المصابين بشكل أفضل وتحديد مستوى اعتلال الشبكية لدى المريض بدقة ومتى يجب الرجوع إلى العلاج الفوري، وذلك من أجل الحفاظ على رؤية مرضانا وتجنب مُضاعفات قد تؤدي إلى العمى التام.
المراجع
[1] BMJ
[2] statpearls