يتردد مريض اعتلال الشبكيَّة السُكَّري على طبيب العيون ذهابًا وإيابًا؛ الشهر بعد الشهر، والسنة تلو الأُخرى، تنتابه مشاعرٌ مُختلطة ما بين أُلفةٍ أحيانًا، وضيقٍ نفسي من ثقل الحمل المادي تارة أخرى، وخوفٍ من انتكاس علاجي مُهدد لبصره كامن بين ضلوع صدره. تراوده بعض الهموم والتحديات، وفي النهاية يحاول أخذ المعاني من هذه التحديات لمواجهة حالته العلاجية ومهامه الحياتية.
العلاقة بين الطبيب والمريض
يُثني علم الاجتماع الطبيّ على أهميّة العلاقة بين الطبيب والمريض؛ فهي لا تقتصر على التشخيص والعلاج فحسب، بل تكون علاقةً مُتفرِّدة، تشمل احترام الطبيب وتعاطفه مع المريض، ويظهر ذلك جليًّا خاصّة في حالات الأمراض الحسّاسة والمزمنة والأمراض التي تشمل تردد مستمر على المستشفى مثل في حالة اعتلال الشبكيَّة السُكَّري وحالات الحقن داخل الجسم الزجاجي التي تتضمن زيارات متكررة للعيادة.
كما تتباين الأدوار بين الطبيب والمريض وتختلف أنماط العلاقات بينهما فأحيانًا الألفة، والصداقة، والصراع، والضبط، والاتّفاق، والرفض، وأيضًا التخوين.
من أين ينشأ الصراع؟
تستحوذ الأمور المادية على نصيب الأسد من الأسباب الرئيسية المؤدية لحدوث تشكك بين الطبيب والمريض، فاعتلال الشبكيَّة السُكَّري من الأمراض التي تحمل تكلفةً باهظةً على النظام الصحي والمريض في صورة الفحوصات والخطوط العلاجية المُختلفة والزيارات المُتكررة.
سوء الظن
هناك فئة ليست بالقليلة من المرضى تعتمد على المعلومات العابرة أو المقتطعة، التي قد تضمن إشاعات أو مصادر غير موثوقة وتعتمد فقط على حكايات شخصية من أقارب وأصدقاء في محيطهم أو على مواقع التواصل الاجتماعي للتشكيك في الخطة العلاجية للطبيب.
قد يختلط هذا الشك العام مع الجوانب المادية، فيزيد من حدة الاحتقان بين الطبيب والمريض وبالتبعية ترك الخطة العلاجية وزيادة فرص الانتكاس وهو من أشهر التداعيات في حالة اعتلال الشبكيَّة السُكَّري، فبسبب طول المدة العلاجية يظن المريض أن الطبيب يطمح إلى الاستغلال أو الربح المادي بشكل رئيسي، وهو ما ليس صحيح بالضرورة، حيث إن بروتوكولات علاج اعتلال الشبكيَّة السُكَّري وشدة الحالة والتاريخ المرضي للسكري كل هذه عوامل تحتم على الطبيب وضع خطة علاجية معينة خاصة بالمريض نفسه، فالعلاج والمتابعة ضروريان للسيطرة المناسبة على اعتلال الشبكيَّة السُكَّري والوقاية من فقدان البصر المحتمل.
مؤثرَين وليس مؤثرًا واحدًا
في السنوات الأخيرة، مع استحداث العديد من إجراءات التشخيص والتقييم وظهور العديد من الأدوية الجديدة والبروتوكولات العلاجية المُختلفة، أصبحت الإدارة الطبية لاعتلال الشبكيَّة السُكَّري من قبل الطبيب وانعكاسها على المريض تُمثِّل تحديًا بشكلٍ مُتزايد. ومن وجهة مهمة يُمثل الجانب الأكثر إغفالًا أيضًا في الخطة العلاجية لاعتلال الشبكيَّة السُكَّري -وهو العامل الذي يسمح بالفعل بعمل العلاج بشكل فعَّال- هو رضاء المريض واقتناعه بل ومشاركته كعنصر حقيقي وفاعل في الخطة العلاجية.
المهارات الطبية والإجراءات والأدوية والحقن لا قيمة لهم إلا إذا طُبِّقوا بشكلٍ فعَّال لصالح مريض اعتلال الشبكيَّة السُكَّري بعد اقتناعه التام بذلك. فالشك ناحية الطبيب والعلاج، يؤدي إلى فشل المريض في استخدام دوائه أو الالتزام بجلسات وزيارات الطبيب، بغض النظر عن مدى حسن اختيار الطبيب للبروتوكول العلاجي المُعيَّن، طالما لم تتحقق الوظيفة وهي فعل المريض لهذه الإجراءات.
الألفة موجودة أيضًا
الصراحة والوضوح ووجود مهارت تواصل جيدة بين الطبيب والمريض هي المفاتيح الرئيسية من أجل تكوين علاقة جيدة ووثيقة بين طبيب العيون ومريض اعتلال الشبكيَّة السُكَّري، الطبيب يعرض وجهة نظره عن الوضع الحالي للمريض. قد يكون لدى المريض تحفظات وتعليقات، وهنا يجب على الطبيب مجرد التوضيح لا الصد والتسفيه، وعند وجود أمان في العلاقة العلاجية يلتزم المريض بالخطة المُقررة وتتحسن حالته النفسية نتيجة شعوره بالأمان في العيادة وبالتالي نتائج علاجية أفضل.
المصادر
[1] IJHPM
[2] NEI