ما هي بروتوكولات الحقن داخل الجسم الزجاجي للعين في علاج اعتلال الشبكية السكري؟ يقع العديد من الأطباء والمرضى في مُفارقةٍ صعبةٍ للغاية؛ ماذا نختار: العلاج (أ) أم العلاج (ب)؟ بالتأكيد لا تتم عملية الاختيار بشكلٍ عشوائيٍّ، فالأمر لا يسري على أهواء الطبيب أو المريض بشكل عبثي أو غير مدروس، فالاحتكام أولًا وآخرًا يكون بُناءً على آخر الإحداثات العلمية والإرشادات الطبيَّة المُوثَّقة الخاضعة للطب الحديث القائم على الدليل، وتُمثِّل خبرة الطبيب الشخصية ورأيه هامشًا ليس بالكبير في عملية اتخاذ القرار، ولكن كيف نتخذ القرار؟
يتلخص الأمر في نقلة مُهمَّة للغاية بين البروتوكولات النظرية والحياة الحقيقية وحالة المريض الذاتية التي لا تشبه أقرانه الآخرين من المرضى بشكل مُتطابِق، ولكن تتشابه في الملامح العامة فقط، والتي قد لا تتلائَم بشكلٍ دائمٍ مع واقع المريض. وهنا تكمن حنكة الطبيب في عبور هذا المُنحدر وتقليل الفجوة بين النظري والعملي.
الحقن داخل الجسم الزجاجي
نظرًا لأن اعتلال الشبكيَّة السُكَّري كيانٌ معقد ذو مسببات متعددة وطرق علاج مختلفة، فإنَّه يحتاج إلى نهج معين للعلاج ووضع المريض على الطريق الصحيح. على الرغم من أن علاج اعتلال الشبكيَّة السُكَّري بالليزر عن طريق التخثير الضوئي يظل من الدعامات الأساسية لعلاج مرضى الاعتلال الشبكيَّ السُكَّري، إلا أن هناك بعض الحالات التي لا تستجيب بشكل كافٍ للتخثير الضوئي بالليزر. وعزَّز هذا من البحث عن طرق علاجية بديلة، والتي من أبرزها حقن مضادات عامل نمو بطانة الأوعية الدموية (anti-VEGF) الحقن داخل الجسم الزجاجي . تنقسم بروتوكولات الحقن إلى ثلاث طرق رئيسية؛ الحقن الثابت للجرعات (fixed doses)، وبروتوكول الحقن حسب الظروف (PRN)، وبروتوكول العلاج والمد (Treat& extend).
في البداية، يتلقى جميع المرضى حقن مضاد عامل نمو بطانة الأوعية الدموية (anti-VEGF) مثل الرانيبيزوماب (Ranibizumab) المعروف بلوسينتيس (Lucentis) في صورة الجُرعة البدئيَّة (loading dose) في السنة الأولى من العلاج على شكل ثلاث جُرعات على مدار ثلاثة شهور والفاصل بين كل جرعة والأخرى شهرٌ واحد، وبعد التعرض للحقن المبدأي، يختار الطبيب نهجًا علاجيًا من البروتوكولات الثلاثة المذكورة آنفًا، من أشهر هذه البروتوكولات:
اقرأ المزيد عن: 4 من أفضل أنواع حقن العين
بروتوكول الحقن داخل الجسم الزجاجي الثابت للجرعات (fixed doses)
ينطوي هذا البروتوكول لعلاج اعتلال الشبكيَّة السُكَّري على العديد من الفوائد خاصة في الحالات التي تتأثر فيها الرؤية المركزية في حالات اعتلال البقعة السُكَّري، سواء في وجود أو عدم وجود الوذمة.
تشير البيانات بأنَّ هذا العلاج الثابت يؤدي إلى تحسُّن سريع في حدة البصر ويحفظه لمدة 3 سنوات على الأقل، وبالنسبة لبعض المرضى، تستمر حدة البصر في التحسن حتى عام من الاستقرار. تتمثَّل الفائدة الرئيسية الأخرى من العلاج الشهري هو الانحدار في شدة اعتلال الشبكيَّة السُكَّري. فمع العلاج الشهري، يتراجع ما بين 35.9% إلى 47.0% من المرضى خطوتين أو أكثر في مقياس الشدة الخاص باعتلال الشبكيَّة السُكَّري، و 13.2% إلى 15.0% ثلاث خطوات على نفس المقياس.
لا يخلو علاج الحقن داخل الجسم الزجاجي من العيوب، فتشمل عيوب العلاج الثابت التكلفة المالية العالية للمرضى وشركات التأمين فقد تصل إلى 10000-20000 جنيهًا مصريًا داخل مصر للعين الواحدة وتتنوع تكلفته بناءً على عدة عوامل؛ طبية وغير طبيَّة، و2500-4000 دولار أمريكي للحقن الواحد بالإضافة إلى العبأ على المرضى بتكريس عدة ساعات كل شهر للذهاب إلى الطبيب وبذل الوقت والجهد والمال مما يُمثِّل عبئًا وزيادةً في التكاليف غير المباشرة. بالإضافة، ينطوي الحقن المتكرر على مخاطر منخفضة ولكن موجودة كحدوث التهاب باطن المقلة ومُضاعفات أخرى مُتعلقة بالحقن.
بروتوكول الحقن داخل الجسم الزجاجي العلاج والمد (T&E)
تشير البيانات حسب الجمعية الأمريكية لشبكية العين (ASRS) لعام 2016 تزايد استخدام أطباء العيون المتخصصين في شبكية العين لبروتوكول العلاج والمد.
لا يقتصر فقط هذا البروتوكول على اعتلال الشبكيَّة السُكَّري، ولكن من الممكن استخدام هذه الاستراتيجية أيضًا في علاج المرضى المصابين بانسداد الوريد الشبكي (CRAO) واعتلال البقعة السُكَّري. يُعدُّ الهدف الرئيسي من هذا النظام العلاجي هو مد الوقت والفترات بين الزيارات المُختلفة للطبيب وإجراء الحقن، وبالتالي الحصول على أقل عدد من الزيارات وجرعات الحقن الممكنة، مع مراعاة الحفاظ على حدة البصر إلى جانب حل أو استقرار الوذمة المستمرة.
يشتمل نظام العلاج والمد على عناصر بروتوكول العلاج الشهري، وبروتوكول الحقن حسب الظروف (PRN)، فكما هو الحال مع النظام الشهري، يقوم الطبيب بإعطاء الحقن داخل الجسم الزجاجي في كل زيارة للعيادة، ولكن بدلاً من فترة متابعة ثابتة مدتها أربعة أسابيع، يختلف الفاصل الزمني بين الجرعات بناءً على نشاط المرض، ويزيد الفاصل بين الجرعات فعلى سبيل المثال، من الممكن الوصول إلى فاصل زمني ٣ شهور عند الجرعة الخامسة.
أما في حالات تكرر الوذمة البقعية أو انخفاض حدة البصر فمن الممكن تقصير الفاصل الزمني للعودة مرة أخرى إلى النتائج المرغوبة، وعلى عكس بروتوكول الحقن حسب الظروف (PRN)، لا يتعين على الطبيب الانتظار حتى تسوء الوذمة البقعية قبل علاج المريض.
ما هي تكلفة الحقن داخل الجسم الزجاجي للعين؟
يمثل الحقن داخل الجسم الزجاجي تكلفةً عالية على نظام الصحي والمريض، فالجرعة الابتدائية فقط في أول ٣ شهور من العلاج قد تتراوح تكلفتها الفعلية من 70000 إلى 100000 جنيهٍ مصريٍّ قبل البدأ في البروتوكول العلاجي نفسه الذي قد يصل عدد الحقنات فيه في السنة الواحدة ما بين 6-12 زيارة للحقن العلاجي.
اقرأ المزيد عن: ما هي تكلفة حقن العين لعلاج الارتشاح؟
بالإضافة يضع هذا الواقع المريض في صدام دائم مع النظام الصحي والتأمين ومن بعدهم الطبيب في شكل علاقة بيع وشراء وعدم ثقة، مما يحفز العديد من المرضى على ترك البروتوكول العلاجي المُعيَّن ظنًّا منهم بالاستغلال المادي من قبل الطبيب. لذلك من المهم للغاية إجراء حوار عميق وتواصل مباشر بين الطبيب والمريض للمحافظة على الخطة العلاجية المُناسبة حسب رؤية الطبيب غير المتعارضة مع الأسس العلمية والضمير المهني وضمان عدم الانتكاس العلاجي وخسارة العين للأبد.
المصادر:
[1] APJO
[2] AAO
[3] Research Gate
