بالرغم من سهولة عمليات المياه البيضاء وتطور التقنيات المستخدمة فيها بشكل كبير، إلا أن المياه البيضاء ما زالت تشكل عبئًا على المنظومة الصحية، خاصة مع تقدم عمر المرضى وتواجد أمراض جهازية أخرى. في المقال التالي، سنوضح علاقة المياه البيضاء بمرض السكري وارتفاع ضغط الدم، وبعض الاضطرابات الجهازية الأخرى. كما سوف نقدم بعض النصائح لتجنب تطور أو حدوث المياه البيضاء.
العلاقة بين المياه البيضاء وأمراض الجسم الأخرى
طبقًا للكثير من الأبحاث والدراسات المتعلقة بالمياه البيضاء وعتامة عدسة العين، توجد العديد من عوامل الخطر التي قد تزيد من نسبة حدوث المياه البيضاء مثل: السن والجنس وقصر النظر وغيرها. بالإضافة إلى ذلك، فإن نسبة حدوث عتامة عدسة العين والمياه البيضاء في المرضى أصحاب عوامل الخطر تزيد لدى من يُعاني أيضًا من أمراض جسدية أخرى، مثل مرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، وأمراض الكلى المزمنة، وبعض الأمراض المناعية.
وتظهر أهمية تلك المعلومات في معرفة كيفية التعامل مع عوامل الخطر لتقليل نسبة حدوث المياه البيضاء، مما يؤثر إيجابًا على المرضى، وعلى المنظومة الصحية بشكل عام.
ما الذي يسبب حدوث المياه البيضاء (عتامة عدسة العين)؟
مع التقدم في السن، تتغير طبيعة العدسة الشفافة داخل العين، وهي المسؤولة عن نفاذ الضوء ووصوله إلى الشبكية لحدوث الرؤية، فتصبح تلك العدسة أكثر سمكًا وأقل مرونة، مما يؤدي إلى عتامة تلك العدسة (المياه البيضاء) وتشوُّش الإبصار.
مع وجود بعض الأمراض الأخرى، مثل السكر أو ارتفاع ضغط الدم، تزداد نسبة تأثر العدسة، مما يسرع ويزيد من نسبة حدوث المياه البيضاء في هؤلاء المرضى مقارنة بغيرهم.
علاقة المياه البيضاء بمرض السكري
طبقًا لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، تؤدي الإصابة بمرض السكري إلى زيادة نسبة حدوث المياه البيضاء بمقدار ثلاثة إلى أربعة أضعاف في المرضى أقل من 65 عام، وذلك مقارنة بالمرضى الذين لا يعانون من مرض السكري في نفس الفئة العمرية. كما تزداد فرص ظهورها بشكل مبكر. توجد العديد من العوامل والأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع نسبة حدوث عتامة عدسة العين مع مرض السكري، منها على سبيل المثال: تلف الأوعية الدموية، وتورم الجسم الزجاجي داخل العين.
يؤدي مرض السكري إلى تلف الأوعية الدموية داخل العين، وفي الجسم بشكل عام، وذلك نتيجة ارتفاع نسبة الجلوكوز في الدم بشكل مزمن، مع عدم قدرة الإنسولين على التخلص منه بكفاءة. ومع مرور الوقت، والتقدم في السن، فإن تلف الأوعية الدموية يؤدي إلى زيادة نسبة حدوث المياه البيضاء وعتامة عدسة العين.
أمَّا عن الجسم الزجاجي داخل العين فهو عبارة عن سائل شفاف يملأ المسافة ما بين كرة العين والعدسة، مما يحافظ على ضغط وشكل العين، عند ارتفاع مستوى الجلوكوز في الدم، يؤثر ذلك أيضًا على الجسم الزجاجي، مما يؤدي إلى تورم العدسة واضطراب الرؤية، كما يزيد ذلك من عتامة العدسة ونسبة حدوث المياه البيضاء.
علاقة المياه البيضاء بارتفاع ضغط الدم
يعد ارتفاع ضغط الدم من أشهر الأمراض التي تصيب كبار السن، سواء بمفرده أو مصاحبًا لمرض السكري وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم. تشير الكثير من الأبحاث إلى أن ارتفاع ضغط الدم يؤدي إلى زيادة نسبة حدوث المياه البيضاء وعتامة عدسة العين، وذلك بعدة طرق، منها على سبيل المثال: زيادة نسبة الالتهاب في الجسم، والتغيُّر في تركيب كبسولة عدسة العين.
يؤدي ارتفاع ضغط الدم في الجسم إلى زيادة بعض العوامل التي تساعد على حدوث الالتهاب، مثل: عامل نخر الورم ألفا (TNF-α)، وإنترلوكين 6 (IL-6)، وبروتين سي التفاعلي (CRP)، مما يؤدي إلى زيادة نسبة حدوث عتامة عدسة العين نتيجة زيادة نسبة الالتهابات في الجسم بشكل عام.
تشير بعض الأدلة والأبحاث إلى إمكانية مرض ضغط الدم من إحداث تغيير في تركيب البروتينات المكونة لكبسولة عدسة العين، مما يؤدي إلى عتامة العدسة وتكون المياه البيضاء.
علاقة المياه البيضاء بالكوليسترول
قد يعتقد الكثير من الناس وجود علاقة مباشرة ما بين ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم وزيادة نسبة حدوث المياه البيضاء وعتامة عدسة العين، إلا أن هناك العلاقة تحدث بطريقة غير مباشرة. فقد يؤثر ارتفاع الكوليسترول على حدوث المياه البيضاء بطريقتين غير مباشرتين، أولهما نوعية الأطعمة التي يتناولها مريض الكوليسترول، وثانيهما أنواع الأدوية المستخدمة في علاج ارتفاع نسبة الكوليسترول.
فمريض الكوليسترول يتناول الكثير من الأطعمة المشبعة بالدهون، كما أنه على الأغلب لا يتناول ما يكفي من العناصر الغذائية الهامة لصحة العين بشكل عام، مثل الفيتامينات والمعادن. وطبقًا لعدة أبحاث، فإن بعض الأدوية المستخدمة في علاج ارتفاع الكوليسترول، مثل الستاتينات (statins)، قد تؤدي إلى زيادة نسبة حدوث المياه البيضاء، إلا أنه ما زال هناك الكثير من البحث في هذا المجال.
كيف نتجنب المياه البيضاء مع الأمراض الجهازية الأخرى؟
مما سبق ذكره، يتضح وجود علاقة وثيقة بين المياه البيضاء والأمراض الجهازية الأخرى، ويبقى السؤال الأهم: كيف تجنب المياه البيضاء مع تلك الأمراض؟
إن الروتين والعادات اليومية الصحية التي يتبعها المريض تعد من أهم العوامل التي تؤثر على تطور تلك الأمراض، ونسبة حدوث المياه البيضاء بدورها. لذلك فإن اتباع عادات صحية أفضل، مثل الاهتمام بممارسة الرياضة بانتظام، وتناول غذاء صحي متوازن، قد يساعد بشكل كبير على تقليل حدوث تلك الأمراض، أو تحسن أعراضها في حال حدوثها، مما يؤدي إلى تقليل اضطرابات الرؤية وتحسن صحة العين بشكل عام.
إن كنت تعاني من أي اضطراب أو تشوش في الرؤية، خاصة مع التقدم في السن أو وجود أي من الأمراض الجهازية الأخرى، فإننا ننصح بزيارة الطبيب في أقرب وقت، حتى يتم تشخيص وعلاج المشكلة بأفضل صورة.
المصادر
[1] pubmed
[2] ncbi
[3] diabetes
[4] medicalnewstoday
[5] heallthline
[6] eyewiki