المياه البيضاء (Cataract) هو حدوث غشاوة في العدسة الطبيعية في العين تؤثِّر على الرؤية. هي حالة شائعة تحدث عادة مع تقدم العمر، ولكن يمكن أن تحدث أيضًا نتيجة الإصابة أو المرض أو استخدام بعض الأدوية. يمكن أن تسبب المياه البيضاء في العين أعراضًا مثل عدم وضوح وازدواج الرؤية و هالات حول الضوء. وفي الحالات الشديدة، يمكن أن يحدث فقدان البصر الكامل. لذلك تعد جراحة المياه البيضاء الحل الأمثل.
جراحة المياه البيضاء: معجزة العصر الحديث
يُعد العلاج الرئيسي لهذه الحالة هو الجراحة، والتي تتضمَّن إزالة العدسة الضبابية واستبدالها بعدسة اصطناعية. عادة ما يتم إجراء الجراحة في العيادة الخارجية وهي واحدة من أكثر العمليات الجراحية شيوعًا في العالم. فمنذ عام 1995 وحتى وقتنا هذا، أُجرى أكثر من 500 مليون عملية جراحية للمياه البيضاء في العين في جميع أنحاء العالم، ويستفيد اليوم حوالي 130 مليون شخص على قيد الحياة من هذه العملية. في الوقت الحالي، يتم إجراء حوالي 60.000 عملية للمياه البيضاء في العين يوميًا على مستوى العالم. جعلت التطورات في التقنيات الجراحية والتكنولوجيا هذه الجراحة أكثر أمانًا وفعالية، مع معدل نجاح عالٍ ووقت شفاءٍ سريع.
على الأغلب لا تُوجد علاجات غير جراحية للمياه البيضاء في العين، فقط قد تسمح النظارات الطبيَّة المُتخصصة في تحسين مؤقَّت في البصر مما يجعل المريض يتعايش مع المياه البيضاء ومضاعفتها لأجل مُعيَّن، حتى يتسبب تدهور الرؤية والعتامة في عدم التحمل النهائي لهذا النمط .وهُنا يُوصى عادةً بإجراء الجراحة عند فقدان البصر الشديد والصعوبة في الرؤية المُعيق لأداء الأنشطة اليومية.
جراحة المياه البيضاء خطوة بخطوة..
هناك عدة طرق جراحية تُستخدم لإزالة المياه البيضاء، ويعتمد اختيار الطريقة الجراحية على عوامل كثيرة، بما في ذلك نوع وشدة المياه البيضاء في عدسة العين، والصحة العامة للمريض، وخبرة الجرَّاح. تشمل الجراحات ما يلي:
استخراج العدسة (Phacoemulsification)
هذه هي الطريقة الأكثر شيوعًا لإزالة المياه البيضاء، حيث يقوم الجرَّاح بعمل شق صغير في مُقدمة القرنية، ثم تُستخدم الموجات فوق الصوتية لتفتيت العدسة الغائمة إلى قطع صغيرة ويتم شفطها من العين، ويترك الجزء الخلفي من العدسة (كبسولة العدسة) سليمًا لتوضع العدسة الصناعية.
الاستخراج خارج المحفظة (ECCE)
تتضمن هذه الطريقة إجراء شق أكبر في القرنية وإزالة الكبسولة الأمامية والعدسة الضبابية كقطعة واحدة مع ترك الكبسولة الخلفية لوضع العدسة الصناعية دون استخدام الموجات فوق الصوتية.
جراحة المياه البيضاء بمساعدة الليزر
تستخدم هذه الطريقة ليزر الفيمتو ثانية لأداء خطوات معينة، بما في ذلك عمل شقوق في القرنية وتفتيت البروتين المُتراكم إلى قطع صغيرة.
جراحة المياه البيضاء اليدوية بشق صغير (MSICS)
تتضمن هذه الطريقة إجراء شق صغير في القرنية وإزالة العدسة يدويًا باستخدام الأدوات الجراحية.
متى يستقر النظر بعد عملية المياه البيضاء؟
يختلف وقت الشفاء بعد العملية اعتمادًا على عدة عوامل، مثل نوع الجراحة، والصحة العامة للمريض، ووجود أمراض أخرى في العين. ومع ذلك، يشعر معظم المرضى بتحسُّنٍ كبير في الرؤية في غضون أيام قليلة إلى أسبوع بعد العملية. قد يستغرق التعافي البصري الكامل عدة أسابيع أو أكثر ويعتمد التعافي على قدرة تكيُّف العين مع عدسة العين الجديدة (IOL) وسرعة التئام الأنسجة.
خلال هذه الفترة، يحتاج المريض إلى اتباع تعليمات الجرَّاح بعناية، والتي قد تشمل استخدام قطرات عين مُعينة، وتجنُّب الأنشطة الخطرة والشاقَّة، وحضور مواعيد المتابعة باستمرار. ويجب على المريض أيضًا إبلاغ الطبيب بأي أعراض أو مشاكل في النظر.
أحدث التطورات في جراحة المياه البيضاء
قطعت جراحة المياه البيضاء شوطاً طويلاً من حيث الأمان والفعالية، وأصبح لدى المرضى العديد من الخيارات مثل الجراحة بمساعدة الليزر، واختيار العدسات الصناعية التي تساعد على إصلاح مشاكل الرؤية أيضًا، وتشمل التطورات ما يلي:
- استخدام تقنية ليزر الفيمتو ثانية لشقوق القرنية الدقيقة وتفتيت البروتين المتراكم
- عدسات باطن العين المتطورة (IOLs) مع تحسين جودة الإبصار وعيوب النظر وتقليل الاعتماد على النظارات
- استخدام مواد متوافقة حيوياً وبصريات عالية الجودة في عدسات باطن العين لتقليل أخطار حدوث مضاعفات ما بعد العملية
تقنيات نظام ( ORA-Optiwave refractive analysis)
هو أداة تشخيصية مُتقدمة تُستخدم في جراحة المياه البيضاء لأخذ قياسات النظر وتوفير معلومات عن انحرافات العين أثناء العملية الجراحية. تُستخدم هذه المعلومات لتحسين وضع العدسة داخل العين (IOL) أثناء الإجراء لتحقيق نتائج بصرية أفضل. يستخدم نظام (ORA) تقنية متطورة ويوفر قياسًا أكثر دقة لخطأ العين الانكساري مقارنة بالطرق التقليدية. هذا يساعد على تحسين جودة النظر ودقة نتائج الجراحة.
العلاج بالليزر لمعالجة المياه البيضاء
تُجرى جراحة المياه البيضاء بمساعدة الليزر عن طريق استخدام ليزر الفيمتو ثانية. في الجراحة التقليدية، تُنفَّذ هذه الخطوات يدويًا باستخدام الأدوات الجراحية. لكن بمساعدة الليزر تُجرى الشقوق الدقيقة لتليين المياه البيضاء وتفتيتها إلى قطع صغيرة حتى يسهل إزالتها.
يمكن أن يؤدي استخدام الليزر إلى استعادة النظر بشكل أسرع مع توقع نتائج أفضل. ورغم ذلك، تُعتبر جراحة المياه البيضاء بالليزر ليست الخيار الأنسب لكل المرضى، واتخاذ قرار استخدام هذه التقنية يكون بعد تقييم شامل من قبل الجراح المختص.
في الختام، يمكن القول أن مجال جراحة المياه البيضاء شهد تطورات كبيرة في السنوات الأخيرة. كما تُوفِّر الطرق الجراحية المختلفة مجموعة من خيارات العلاج التي تناسب الاحتياجات والفروق الفردية للمرضى. ومع استمرار التطور التكنولوجي، من المتوقع أن تستمر النتائج الجراحية في التحسن، مما يؤدي إلى تحسين جودة النظر ونوعية الحياة للمصابين بالمياه البيضاء.
المصادر
[1] Mayoclinic
[2] healio
