عيناك هما نافذتك المُطلة على العالم؛ لذا فلا عجب من أن نُولِّي مرض المياه البيضاء -والمعروف بالساد أو الكتاركت-اهتمامًا خاصًا، فتعتبر جراحات المياه البيضاء من أكثر الجراحات إجراءًا عالميًا. ولأنَّ أولى خطوات التغلب على الداء هو فهمه؛ سنناقش معًا في هذا المقال أسباب المياه البيضاء وتأثيراته على المريض.
ما هي المياه البيضاء
عدسة العين هي تركيب شفاف يقع خلف بؤبؤ العين، تمر من خلالها الأشعة الضوئية لتتجمع عند الشبكية حيث تنقل الإشارات للعصب البصري والذي بدوره ينقلها للقشرة المخية فتتم عملية الإبصار.
في هذا الداء يعاني المريض من تغيرات في العدسة حيث تصبح الرؤية مُشوَّشة وضبابية، ولا يقتصر ذلك على عمر معين، فكما سنسرد في السطور القادمة فإن أنواع الساد كثيرة، فتصيب كبار السن والأطفال وحتى حديثي الولادة، لنتعرف على أهم أسباب المياه البيضاء
المياه البيضاء الشيخوخية
لا تُستثنى عدسة العين من التغيُّرات التي تطرأ على الجسم مع تقدم العمر، ورغم أن نتيجة هذه التغييرات هي إعتام العدسة إلا إن بداية المرض تختلف كما سنبين:
| المياه البيضاء النووية (nuclear cataract) | يحدث فيها تليُّف وإعتام لمركز العدسة، فتتحول للون الأصفر أو البني، مما ينتج عنه تشتت للضوء العابر من خلال العدسة. |
| المياه البيضاء القشرية (cortical cataract) | هو النوع المؤثر على حواف العدسة، والذي تتكون فيه خطوط بيضاء على الجزء الخارجي للعدسة، ومن ثمَّ تمتد إلى مركزها بمرور الوقت. |
| المياه البيضاء الخلفية تحت المِحفَظة (posterior subcapsular cataract) | تتكون عن طريق إعتام الجزء المواجه للضوء مُباشرةً أمام الشبكية، فتتكوّن هالة حول الضوء عند الرؤية الليلية. |
في البداية من المهم معرفة ما الذي يُكسب العدسة خواصها الشفافة؛ تترتب الخلايا الظهارية والألياف بطريقة معينة تسمح بمرور الضوء من خلالها، كما يدخل في تكوينها بروتينات ذات تركيب فريد تساهم في خواصها المميزة.
تتعدد أسباب المياه البيضاء الشيخوخية، ويتداخل فيها عدة عوامل: الچينية والبيئية والتغذوية الخاصة بالعدسة. تعتبر من أهم آليات نشوء المياه البيضاء الشيخوخية هي انعدام التوازن بين الإجهاد التأكسدي والشوارد الحرة، فتتميز العدسة بنظام مُحكم للتخلص من الشوارد الحرة والتي تؤدي إلى تدمير الخلايا، ويعتمد ذلك النظام على الإنزيمات مثل: سوبر أوكسايد ديسميوتيز (superoxide dismutase)، وكاتاليز (catalase)، وجلوتاثايون بيروكسيديز (glutathione peroxidase)، وجلوتاثيون ترانسفيريز (glutathione transferase)، وعلى وسائل أخرى غيرها غير إنزيمية مثل مختزل الجلوتاثايون وبعض الڤيتامينات.
ومع التقدم في العمر يزداد تعرض الجسم للشوارد الحرة؛ فتدخل العدسة في دائرة مغلقة، ويزداد الإعتام في العدسة وسمكها نتيجة تراكم الخلايا الميتة عليها وتغير تركيب الألياف الخاص بالعدسة، مما يمنع الماء ومضادات الأكسدة والڤيتامينات الذائبة في الماء من اختراق النسيج المعتم ويزيد الإجهاد التأكسدي.
من بين أسباب المياه البيضاء الشائعة، تشمل العمر المتقدم وتقدم العدسة وتراكم البروتينات فيها، وهو ما يعرف باسم المياه البيضاء الطبيعية.
كما يمكن أن تكون الأمراض الوراثية أو العوامل البيئية أو الإصابات العينية السابقة أو تعاطي بعض الأدوية أو أمراض أخرى مثل السكري أو التهاب العدسة (التهاب الزجاجيات) أحد الأسباب المحتملة للمياه البيضاء.
أسباب المياه البيضاء الأخرى
يؤثِّر مركب كيناز البروتين (PKC) والخلل في بعض التفاعلات بزيادة تأكسد الليبيدات والالتهابات على الخلايا داخل العدسة.
فيعتبر العلماء أنَّ موت الخلايا الظهارية هو اهم أسباب المياه البيضاء، فتعمل كلٌ من الالتهاب والشوارد الحرة والتغيُّر في بروتينات الخلية على تنشيط المواد المسؤولة عن موت الخلايا الظهارية (Epithelial cells) وتثبيط المواد المانعة لموتها.
المياه البيضاء الخلقية والطفولية
في المياه البيضاء الخلقية يُولد الطفل بحالته مصابًا بالمياه البيضاء، مما قد يسبب العمى الدائم غير القابل للعلاج في حالة إن كان جزءٌ كبير في مركز العدسة قد أصابه التلف، أما إن كان صغيرًا متطرفًا فحينها يكون التأثير على النظر طفيفًا.
يحدث هذا النوع نتيجة وراثة الطفل لچين معطوب أو خلل في عدد الكروموسومات في الجسم أو ربما بسبب انتقال عدوى للطفل عبر المشيمة. أمَّا عن المياه البيضاء الطفولية فمن أهم أسباب المياه البيضاء:
- تعرض العين للإصابة أو الجراحة
- مرض السكري
- زيادة نسبة سكر الجالاكتوز في الدم
عوامل خطر الإصابة بالمياه البيضاء
تساهم العديد من العوامل الأخرى في زيادة خطر الإصابة بإعتام عدسة العين:
- الشيخوخة
- داء السكري
- التاريخ العائلي للإصابة بإعتام عدسة العين في سن مبكرة
- سنوات من التعرض المفرط للشمس والأشعة فوق البنفسجية
- التدخين
- السمنة
- ضغط دم مرتفع
- إصابة العين السابقة أو الالتهاب
- جراحة العيون السابقة
- استخدام دواء الستيرويد
أعراض المياه البيضاء
بعد أن تعرفنا على أهم أسباب المياه البيضاء، قد يعاني مريض المياه البيضاء من عدة أعراض مثل:
- تشوش الرؤية: فتبدو الصور مُشوَّشة بشكل مفاجئ، مما يدفع المريض إلى الاعتقاد بأن نظارته الطبية بحاجة إلى التغيير.
- حساسية من النظر للضوء المباشر.
- تظهر نقاط تنعدم فيها الرؤية.
- يعاني من ازدواجية الرؤية بعين واحدة.
- يمنع الإعتام العين من استقبال بعض الأطوال الموجية للضوء، فتصعب رؤية بعض الألوان ويبدو البعض الآخر باهتًا وتصطبغ الألوان أحيانًا بالصُفرة.
- رؤية هالات حول المصابيح
- صعوبة الرؤية في الظلام والإضاءات الخافتة
تعتبر المياه البيضاء حالة طبية تؤثر على العدسة في العين وتسبب تشوهًا في الرؤية.
الأسباب المحتملة للمياه البيضاء متنوعة وتشمل العوامل الوراثية والتقدم في العمر والإصابة بأمراض أخرى.
يمكن أن تكون المياه البيضاء نتيجة لترسب البروتينات في العدسة أو تغيرات في هيكلها أحد أهم أسباب المياه البيضاء.
في النهاية، يجب على المرضى أن يتابعوا التوجيهات الطبية ويجروا الفحوصات الدورية للحفاظ على صحة عيونهم. يمكن للتشخيص المبكر والعلاج الفعال أن يساعد في تحسين الرؤية وتخفيف الأعراض المرتبطة بالمياه البيضاء.
اقرأ المزيد عن:
تعليمات بعد عملية المياه البيضاء
عملية المياه البيضاء: الأعراض وطرق العلاج
متى يستقر النظر بعد عملية المياه البيضاء
المصادر
[1] Medscape
[2] NHS
