تحرير: د.محمد طارق
وذمة حليمة العصب البصري (Papilledema) هو نوع من التورم في القرص البصري والعصب البصري بسبب ارتفاع الضغط داخل الجمجمة (ICP). من المهم للغاية التمييز بين هذا المصطلح عن وذمة القرص (Disc oedema) التي تشمل فئة أوسع من تورم القرص البصري الثانوي لمُسببات أخرى. تختلف المسببات حسب المشاكل المؤدية لارتفاع ضغط الدماغ، وبغض النظر عن السبب، يظلُّ فقدان البصر هو الشبح المخيف لوذمة حليمة العصب البصري. يهدف العلاج إلى تصحيح السبب الأساسي وتجنب حدوث أي مضاعفات باستخدام كلا من الطرق الطبية والجراحية.
عادةً لا يكون هناك قلق بشأن وذمة حليمة العصب البصري الخفيفة مع الحد الأدنى من الأعراض، ولكن في الأعراض الأكثر شدة قد تكون الحالة خطيرة بعض الشيء. فقد تكون وذمة حليمة العصب البصري علامة على وجود إصابة كامنة تحتاج إلى علاج في أقرب وقت ممكن.
وذمة حليمة العصب البصري مقابل حليمة العصب البصري الكاذبة
يتم تعريف حليمة العصب البصري الكاذبة على أنها ارتفاع ظاهري لأحد القرصين البصريين أو كليهما دون حُدوث تورم في طبقة الألياف العصبية الشبكية. أمَّأ الوذمة الحليمية فهي تورم في القرص البصري بسبب زيادة الضغط داخل الجمجمة. من المهم التمييز بين الوذمة الحليمية الكاذبة والوذمة الحليمية الحقيقية، والتي يمكن أن تكون العلامة الأولى لعملية المرض مع احتمال فقدان الرؤية أو الضعف العصبي.
أسباب وذمة حليمة العصب البصري
كما ذكرنا مُسبقًا يُعدُّ السبب الرئيسي لوذمة حليمة العصب البصري هو ارتفاع الضغط داخل الجمجمة، ويحدُث ذلك نظرًا لمحدودية المساحة داخل الدماغ، لذلك عندما تنتفخ الأنسجة، أو ينمو شيء ما، أو يكون هناك سائل أكثر من المعتاد، فإن الضغط الداخلي يرتفع، وتحدُث وذمة حليمة العصب البصري. وتشمل الأسباب ما يلي:
- الأورام الدماغية
- النزيف الدماغي
- صدمات الرأس
- التهاب السحايا
- استسقاء الرأس
- آفات الحبل الشوكي
- ضعف تصريف الجيوب الدماغية
- الشذوذات الجمجمية
- ارتفاع ضغط الدم داخل الجمجمة مجهول السبب (IIH)
تشمل عوامل الخطر لارتفاع ضغط الدم داخل الجمجمة مجهول السبب زيادة الوزن والحالات المرتبطة به مثل متلازمة المبيض المتعدد الكيسات، وفقر الدم، وأمراض الغدة الدرقية، وانقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم وذلك على سبيل المثال لا الحصر.
أعراض وذمة حليمة العصب البصري
على الأغلب لا تظهر أي أعراض في المرحلة المبكرة من الوذمة الحليمية. يكتشف الطبيب ذلك أحيانًا عند رؤية التورم في العصب البصري أثناء فحص العين الروتيني. ولكن مع تقدم المرض، من المحتمل أن تظهر بوادر مشاكل في الرؤية، وتكون عادةً في كلتا العينين. وتظهر الأعراض على شكل:
- عدم وضوح في الرؤية أو ازدواجها
- فقدان الرؤية لبضع ثوان في كل مرة
- الصداع
- الغثيان
- التقيؤ
- فقدان في الرؤية المحيطية أو الجانبية
- العمى في إحدى العينين أو كلتيهما
كيف يتم تشخيص وذمة حليمة العصب البصري؟
يستخدم أطباء العيون منظار العين لفحص الجزء الخلفي من العين ضمن فحص قاع العين وتشخيص وذمة حليمة العصب البصري، ويظهر فيه تورم القرص البصري. عند ظهور علامات الإصابة بوذمة حليمة العصب البصري، فإن النهج الأول يكون فحص ضغط الدم لاستبعاد ارتفاع ضغط الدم الخبيث، وبعدها إرسال المريض للتصوير العاجل بواسطة التصوير المقطعي أو التصوير بالرنين المغناطيسي لرؤية المزيد من التفاصيل والبحث في ما وراء سبب زيادة الضغط في الدماغ كما يستخدم لاحقًا في قياس مدى نجاح العلاج.
قد يحتاج الطبيب أيضًا إلى إجراء ثُقب قَطَني (lumbar puncture) في أسفل الظهر. يقيس هذا الاختبار ضغط السائل النخاعي الذي يمر عبر الدماغ والحبل الشوكي، تُساعد العينة من هذا السائل في تشخيص العدوى أو الأورام.
تشمل الأدوات التشخيصية الأخرى لاستبعاد حليمة العصب البصري الكاذبة التصوير بالموجات فوق الصوتية (B-scan)، وتصوير الأوعية بالفلورسين، والتصوير المقطعي التوافقي البصري (OCT) مع تصوير متعمق معزز لرأس العصب البصري. ويعتبر الإجراء المثالي هو التصوير بالرنين المغناطيسي وتصوير الوريد بالرنين المغناطيسي (MRV) لاستبعاد تجلط الجيوب الأنفية الوريدي. وعند الوصول لسبب كامن، يتم تشخيص ارتفاع ضغط الدم داخل الجمجمة مجهول السبب (IIH) كسبب للوذمة الحليمية الحليمية عن طريق الاستبعادات، وبدء العلاج في الوقت المناسب لمنع فقدان الوظيفة البصرية.
التشخيصات التفريقية لوذمة حليمة العصب البصري
من المهم التمييز بين وذمة حليمة العصب البصري عن الأمراض الأخرى التي قد تحاكي وذمة حليمة العصب البصري، وذلك من خلال أخذ التاريخ الكامل والفحص الشامل للوصول للتشخيص. قد تسبب الأمراض التالية وذمة القرص مع عدم وجود ضغط مرتفع داخل الجمجمة وفي بعض الحالات وظيفة بصرية طبيعية مثل:
- الأقراص البصرية غير الطبيعية
- اعتلال الحليمات السكري
- اعتلال الحليمي ناتج عن ارتفاع ضغط الدم
- توقف التنفس أثناء النوم
- الالتهاب داخل العين أو حول العين مثل التهاب الصلبة الخلفي، التهاب محيط العين
- التهاب القزحية مع وذمة القرص البصري المرتبطة به مثل الساركويد، وداء المقوسات، ومتلازمة هارادا (VKH)، والتهاب الشبكية العصبي
- التهاب العصب البصري
- اعتلال العين المصاحب لأمراض الغدة الدرقية
- انسداد الوريد الشبكي المركزي
- الاعتلال العصبي البصري الإقفاري غير الشرياني
- الاعتلال العصبي البصري الارتشاحي
- سرطان الغدد الليمفاوية وسرطان الدم
علاج وذمة حليمة العصب البصري
يهدف العلاج إلى علاج السبب الأساسي، وإنقاذ الرؤية، وتخفيف الأعراض مثل الصداع.
علاج السبب الأساسي
إذا كان السبب يتعلق بارتفاع ضغط الدم الخبيث أو التجلط الوريدي الدماغي الحاد، فيجب إرسال المريض فورًا إلى قسم الطوارئ للمزيد من العلاج المُناسب. أمَّأ إذا كان التشخيص النهائي هو ارتفاع ضغط الدم داخل الجمجمة مجهول السبب (IIH)، فيعتمد العلاج على شدة الحالة. إذا لم يكن لدى المريض أي تهديد فوري للبصر، فمن الممكن اتباع نهج متحفظ من خلال تقليل الوزن والأدوية. أمَّا إذا كان المريض يعاني من حالة تهدد الرؤية، فيجب التدخل الجراحي على الفور.
علاج ارتفاع ضغط الدم داخل الجمجمة مجهول السبب (IIH)
يعتبر الخط العلاجي الأول هو الأسيتازولاميد كحل فعَّال لارتفاع ضغط الدم داخل الجمجمة مجهول السبب (IIH)، وذلك جنبًا إلى جنب مع تقليل الوزن لتحسين وذمة حليمة العصب البصري لدى هؤلاء المرضى الذين يعانون من فقدان البصر الخفيف. من الممكن استخدام التوبيمارت واللازيكس في حالة عدم تحمُّل الأسيتازولاميد.
جراحيًّا، إذا اشتكى المريض من فقدان البصر فقط، من الممكن إجراء نوافذ غمد العصب البصري (optic nerve sheath fenestration)، أمَّأ إذا اشتكى المريض من الصداع المصاحب لفقدان البصر، فمن الممكن إجراء تحويل السائل الدماغي الشوكي مثل التحويلة البطينية الصفاقية (ventriculoperitoneal shunt) أو التحويلة القَطنية الصفاقية (lumboperitoneal shunt).
ويمكن أيضًا إجراء دعامات الجيب الوريدي الجافي للمرضى الذين يعانون من زيادة الضغط داخل الجيب الوريدي مع ضيق في الجيب الوريدي الكبير.
ويُنصح المريض باستشارة عيادة السمنة للنظر في إمكانية إجراء جراحات السمنة لفقدان الوزن.
تأثير الحالة على المريض
تؤدي وذمة حليمة العصب البصري المزمنة إلى فقدان حدة البصر المركزية. ويحتاج المرضى وخاصة أولئك الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم داخل الجمجمة مجهول السبب إلى المتابعة وفقًا لخطورة أعراضهم لمنع فقدان البصر مع أهمية التحكم في زيادة الوزن.
المراجع
[1] pubmed
[2] WebMD
