علاج انفصال الشبكية

علاج انفصال الشبكية: 1920 هي كلمة السر

من أعظم قصص النجاح في تاريخ علم الطب هو تاريخ جراحة انفصال الشبكية، بدأ الأطباء تشخيص انفصال الشبكية ومعرفة المرض منذ عام 1805 على يد العالم وير (ware)، ثم في 1818 على يد( واردروب)، ثم العالم (بانيزا) في 1826، واعتمد تشخيص الحالات في ذلك الوقت على الأوصاف المرضية الظاهرة على المريض وشكوى المريض والتعامل معها بشكل أساسي.

لكن بحلول عام 1850 ودخول منظار العين إلى حقل الطب على يد العالم (هيلمهولز) أصبح تشخيص انفصال الشبكية أكثر دقة ويمكن الاعتماد عليه لتصنيف الحالة عن كثب وعلاج انفصال الشبكية.

علاج انفصال الشبكية ما قبل 1920

يُقسِّم العلماء تاريخ جراحات انفصال الشبكية إلى عصر ما قبل جولز جونين ( قبل 1920) وما بعده، وذلك للتغيُّر الهيكلي الذي أُحدث في هذه الفترة. في عام 1920، أرسى جونين بعض القواعد لعلاج انفصال الشبكية بشكل ناجح، وتمَّ ذلك عن طريق الفكرة الرئيسية الخاصة بإحكام القطع في نسيج الشبكية.

وبعد مساهمات جونين، قدَّم العديد من العلماء أفكارًا أخرى لجراحة انفصال الشبكية، لكن حتى ذلك الوقت كان هناك القليل من العلاج الكُلِّي الناجح لانفصال الشبكية. الآن تطوَّرت الوسائل، وأصبح تشخيص الحالة وعلاجها جراحيًا ليس بالعملية الصعبة، وتزيد نسبة النجاح فوق 95%.

الإجراءات غير الجراحية لعلاج انفصال الشبكية

تنقسم الإجراءات غير الجراحية إلى:

  • التخثير الضوئي (photocoagulation)
  • العلاج بالتبريد (Cryotherapy)

التخثير الضوئي Photocoagulation

في هذا الإجراء، يُخدِّر طبيب العيون العين باستخدام أنواع مُعينة من القطرات المخدرة، ثم يستخدم أشعة الليزر ويُسلِّطُها على مكان التمزق.

تكمن الفكرة ببساطة أنَّ شُعاع الليزر يصدر ضوءًا مُعينًا، هذا الضوء ينتقل خلال العين ويحرق المنطقة المحيطة بالتمزق في الشبكية أو المُنفصلة، فيؤدي إلى تكوين ندبات، يساعد هذا النسيج الندبي على سد التمزق وإعادة توصيل الأجزاء المنفصلة من الشبكية، كما أنه يحد من انتقال السوائل التي قد تنتج من إصابة الجسم الزجاجي فتنتشر تحت الشبكية وتؤدي في العادة إلى المزيد من الانفصال.

علاج انفصال الشبكية

العلاج بالتبريد (Cryotherapy)

رغم اختلاف الوسيلة، لكن يستخدم العلاج بالتبريد أو التجميد كعلاج انفصال الشبكية لإحداث ندبات مثل فكرة الليزر، ويقوم الإجراء على حقن المخدر الموضعي حول العين، وبعدها يضع طبيب العيون مسبار التجميد فوق التمزُّق أو على منطقة الانفصال، وفي كل مرة يتم فيها تجميد منطقة، تتشكل الأنسجة الندبية على موضع التمزق وتعيد توصيل الشبكية من جديد.

بعد هذا الإجراء والليزر، قد يصف الطبيب الستيرويدات الموضعية أحيانًا للتقليل من الالتهابات، ويُوصي بالراحة لعدة أيام.

جراحات انفصال الشبكية

في البداية توجد ثلاثة إجراءات جراحية رئيسية مُعتمدة لعلاج انفصال الشبكية، يُحدد الأطباء نوع الجراحة المطلوبة بناءً على عدة عوامل؛ مثل مكان الانفصال وحجمه وما إذا كان المريض قد خضع لجراحة المياه البيضاء من عدمه. تشمل الإجراءات الجراحية ما يلي:

بعج الصُلبة (Scleral buckling)

هي جراحة شائعة تستخدم لعلاج انفصال الشبكية، يجري الجراح هذا الإجراء في العيادات الخارجية أو المستشفى ويكون التخدير به إما موضعيًا أو كُليًّا.

تتضمَّن الخطوة الأولى في هذا الإجراء تحديد جرَّاح العيون موضع انفصال الشبكية ومعالجته إما بالليزر أو باستخدام العلاج بالتبريد كما وضحنا في الإجراءات غير الجراحية، لكن الجديد هنا هو استخدام شريط صغير من السيليكون ووضعه على الجزء الخارجي من بياض العين ومن ثمَّ تثبيته بالخياطة في مكانه، هذه المادة تدفع الصُلبة للداخل باتجاه منتصف العين، مما يتيح لشبكية العين الاستقرار في الجزء الخلفي، وتبقى هذه المادة في العين بشكل دائم.

تخفف هذه المادة المعروفة بمشبك الصُلبة (scleral buckle) من عملية سحب الشبكية، ويمكن أيضا حقن غاز مُعين داخل العين مما يؤدي إلى تكوين فقاعة تتمدَّد وتدفع شبكية العين إلى الداخل، وعادة ما تستغرق هذه الجراحة ساعتين فقط.

علاج انفصال الشبكية

استئصال الجسم الزجاجي (Vitrectomy)

تعد عملية استئصال الجسم الزجاجي أحد طرق علاج انفصال الشبكية يقوم الجراح بشق الصُلبة- وهي الطبقة الخارجية من العين المعروفة ببياض العين- ثم إدخال أداة لإزالة الجسم الزجاجي، بعدها يعالج انفصال الشبكية بالليزر أو بالتبريد لسد التمزق، ثم يحقن غاز معين داخل العين ليحل محل الجسم الزجاجي ويدفع الشبكية برفق إلى الداخل.

خلال فترة التعافي تمتص العين الغاز تلقائيًا ويختفي في غضون أسبوعين إلى ستة أسابيع، وبعدها تفرز العين سائلا يحل محل الجسم الزجاجي ويملأ العين في النهاية، وعادة ما تستغرق هذه الجراحة ساعتين فقط أيضًا.

تثبيت الشبكية الهوائي (Pneumatic Retinopexy)

في هذا الإجراء يستخدم جراح العيون الهواء المضغوط في تثبيت الشبكية، في البداية يضع الجراح قطرات مخدرة في العين ثم يدخل بإبرة صغيرة ويزيل كمية صغيرة من السائل لتليين العين، بعدها يحقن كمية صغيرة من الغاز في الجسم الزجاجي، بحيث يدفع شبكية العين بلطف إلى الخلف، بعدها يعالج الجراح التمزق إمَّا بالليزر أو التبريد، وعادة ما تستغرق هذه العملية ساعة واحدة.

ماذا بعد علاج انفصال الشبكية؟

بعد الجراحة قد يستغرق الأمر عدة أسابيع أو شهور لاستعادة الرؤية بشكل كامل في العين المصابة، ويمكن عادة استئناف الأنشطة اليومية في غضون أسابيع قليلة من الجراحة، ويحذر الأطباء من ممارسة التمارين الرياضية الشاقة ورفع الأجسام الثقيلة في الأسابيع الأولى.

الجدير بالذكر هو أن علاج انفصال الشبكية بالجراحة تتمتع بمعدلات نجاح مرتفعة، ومع ذلك ففي بعض الأحيان يتكرر انفصال الشبكية ويتطلب عمليتين جراحيتين أو أكثر للعلاج، ففي معظم المراكز المتخصصة يتم إصلاح تسعة من كل عشرة حالات انفصال الشبكية بعملية واحدة، وفي الحالات المتبقية تنفصل الشبكة مرة أخرى بمعدل نجاح نهائي أكثر من 95%.

يعتمد استعادة الرؤية الكاملة من عدمه ليس فقط على عوامل نجاح العملية، ولكن أيضًا على موقع انفصال الشبكية وشدته، فعلى سبيل المثال إذا انفصلت البقعة (macula)، فإنَّه من غير المرجح أن تعود الرؤية الكاملة حتى لو نجحت العملية.

مضاعفات جراحة انفصال الشبكية

تعتمد المخاطر والمضاعفات على الإجراء المستخدم، ولكن تشمل المضاعفات ما يلي:

الخاتمة

نُذكر أنفسنا دائمًا بالمجهودات العلمية، والتي بدأت ولا زالت مُستمرة نحو مزيد من التطور التقني لإصلاح عملية مُعقدة كالإبصار وعلاج انفصال الشبكية؛ فيضيف كل عالم بصمته مستفيدًا ممن سبقوه، فكل الشُكر لجهود العلماء الذين لولاهم لاحتاج المُبتديء في العلوم لإعادة اختراع العجلة من جديد.

المصادر

[1] Betterhealth

[2] nyulangone

Comments are closed.